تعرفوا.. أنا اليوم بش نحكي.. بش نتكلم علي صار.. بش نحكي عالقهر و الدمار.. وقتها كان عمري ثلاثة سنين، طفلة صغيرة، ملايكة، فرططو يطير.. عصفورة جنة.. ماما تهزني لروضة فيها برشة صغار.. روضة مش بعيدة عالدار.. كنا نسكنو في المرسى، لحقيقة ما نتذكرش الحومة برشة.. أما نتذكر إلي صار عليا.. نتذكر كاينو صار البارح.. نتذكر وجهو وسمايلو.. نتذكر شعرو وحوايجو.. نتذكر الوجيعة والدم.. وشعري بين صوابع ايديه و ساقيا تحت ساقيه.. تعرفوا.. لليوم نكره اللون الأحمر..
توجعت.. حسيت.. وما فهمتش آش قاعد يصير عليا.. “أنس الكبير” كان ديما يهزني لبيتو ويشطحني وفما نساء معاه كان يصوروني وأنا نشطح كيما ولدتني أمي.. كنت نراهم يضحكو وعاملين جو، مشى في بالي حاجة باهية، كيف الجو إلي تعملهولنا “ستي” كي نغنيو ونشطحو في القسم.. ما جاش لبالي بش نحكي لأمي.. ويا ليتني حكيت.. يا ليتها أمي سألتني كل نهار اش نعمل ملي ندخل للروضة للي نروح للدار.. أمي ما نلومهاش، تخدم وتكلت على أيامها، في بالها متهنّية على بنتها عند المروّضة..
تعرفوا.. آش قولك قلبك يموت ملي عمرك ثلاثة سنين؟ آش قولك تكره الرجال من صحابك في المكتب لخوك لبوك الحنين؟ آش
قولك تعيش مقهورة وقلبك ينين؟ آش قولك تضيّع روحك ويفلت منّك احساسك؟ آش قولك تعيش غريبة بن أهلك وناسك؟
وكبرت وكبر معايا الكابوس، و فرحة صغرك ما تتشراش بالفلوس.. أنا صغري عدّيتو تصاور تتعاود قداّمي، بين الدمّ إلي سال منّي، والشرطة إلي تسأل فيّا والوزيرة إلّي قالت الروضة خاطيها و واحد من العيلة استفعل فيّا! علاش، علاش هكا يصير فيّا؟ وعلاش بعد ثورة الحرية إغتصبو ألف بنيّة؟! قالولي ما تسكتش على الحق، اجري وأشكي! قلتلهم لشكون باش نشكي، في بلادي اغتصبولنا بناتنا بوليسيّة..
تعرفوا.. أنا صار عليا إلي صار.. وتدعثرت وطحت وقمت.. وكبرت.. وصنعت من ضعفي قوة ووقفت على ساقيّا.. قريت وسهرت ليالي ووصلت وكابوسي خرّجت منّو أحلام حقّقت منهم برشة حاجات وكل يوم نقدّم ميات الخطوات.. وحبّيت وإتحبّيت وخذيت.. إلي خلق ما ضيّع والمرّار إلي شربتو نبّت فيّا إصرار وتحدّي وغلبت نكبتي وبيدي ضمدّت جرحي ،خاطر أنا مرا..أنا قوية.. أنا تونسيّة حرة بنت تونسيّة..
أما خايفة على غيري.. خايفة على تونس بنساها ورجالها، “وطني يغتصب فيه رجال الأمن بناتنا، و يعتدي بالفاحشة فيه حراس رياض الأطفال على أطفالنا.. وطني اغتالوا فيه المناضل وسجنوا فيه بتهمة قبلة، وكلمة ولحن.. إلهي وطني عميق الجرح، كثير الدمع.. والجالسون على الكراسي لا دواء للجرح عندهم ولا منديلا للدمع..”
صوت أنثى